أخبار التقنية

هل دماغك يتأخر 15 ثانية؟ دراسة تكشف أنك تختبر الماضي بدلاً من الحاضر

هل شعرت يومًا بأنك تعيش في اللحظة الراهنة بكل وعي تام؟ دراسة رائدة نُشرت في عام 2022 في مجلة “ساينس أدفانسز” تفيد بأن ما نعتبره الحاضر قد يكون مجرد وهم، حيث يكشف الباحثون أن الدماغ قد يُظهر لنا تمثيلًا بصريًا يعود إلى 15 ثانية مضت. هذه الظاهرة المثيرة، التي أُشير إليها مؤخرًا من قبل مجلتين مثل “بوبيولار ميكانيكس” و”يونيلاد تيك”، تبرز كيف يمزج الدماغ المُدخلات البصرية السابقة ليخلق صورة ثابتة ومتجانسة للعالم من حولنا.

البحث التاريخ المجلة
تمثيل بصري يعود إلى 15 ثانية 2022 ساينس أدفانسز

في الواقع، يبدو أن عقولنا ترى باستمرار ماضيًا تم تعديله بدقة، مما يمنحنا إحساسًا دائمًا بالمكان والزمان الراهن.

يكتشف العلماء لماذا يُظهر لك دماغك نسخة متأخرة من الواقع

الدماغ البشري لا يعالج المعلومات المرئية في الوقت الفعلي، بل يتأخر ويمزج صورًا من الماضي القريب لتشكيل صورة متماسكة لما نراه. يُعرف العلماء هذا التأثير باسم “الوهم البصري غير المعروف سابقًا”، وهو خداع بصري يهدف إلى حمايتنا من طبيعة الإدراك الفوضوية. هذا التأخير ليس عيبًا، بل يُعتبر سمة للبقاء تساعدنا على التأقلم مع تيارات المعلومات المتدفقة، مع الأخذ في الاعتبار كيف تتغير البيئة من حولنا بسرعة.

لتجنب التحميل الزائد على العقل، يستخدم الدماغ عملية تُعرف باسم “الاعتماد التسلسلي” حيث يمزج ما تراه في الوقت الحالي بما رأيته في اللحظات السابقة. هذه التقنية تؤدي إلى إنتاج رؤية أكثر سلاسة، مما يمنحك انطباعًا بأن المشهد هادئ وغير متغير، وهو ما يعني أن العقل يضحي بالتحكم الدقيق من أجل راحة البال.

الإدراك البصري لدماغك هو وهم لمدة 15 ثانية – إليك كيف يعمل

لقد أظهرت الدراسة أن الدماغ يعتمد على لقطات بصرية من الماضي تصل إلى 15 ثانية، وهذا يفسر أن ما نعتبره “اللحظة الحالية” هو في الواقع إعادة عرض مُعدّل للمدخلات البصرية السابقة. هذه الظاهرة تجذب انتباهنا وتساعدنا على العمل في بيئة ديناميكية، حيث تمنع الإرهاق المعرفي، فهي أشبه بعملية تخزين مؤقت بيولوجية؛ دماغك يقوم دائما بتعديل وعرض اللحظات الأخيرة لضمان استمرارية تجربتنا.

بعيدًا عن كونه خلطًا، تتيح لنا هذه الميزة التكيف بشكل أفضل، من خلال التركيز على الاتساق بدلاً من الدقة الفائقة. هذه القدرة تمكننا من:

  • الحفاظ على التركيز أثناء أداء المهام
  • تقليل عوامل التشتيت المحيطة
  • الاستجابة بهدوء أكبر في المواقف المفاجئة

في عالم سريع الحركة، هذا التأثير المنعم يسهم في عدم تنبيه انتباهنا بكل تغيير طفيف يحدث من حولنا.

ماذا يعني “عيش اللحظة”؟

يطرح هذا الاكتشاف تساؤلات فلسفية حول مفهوم الحضور الكامل في وعينا، فإذا كان واقعنا البصري مبنيًا على ما سبق، فإن “الآن” الذي نؤمن أننا نعيشه ليس حاضرًا في حقيقة الأمر بل هو تجربة مُنسقة تشكلها ذاكرة الدماغ وتوقعاته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى