دكتور محمود محيي الدين يرى أن التصنيع المستدام ضرورة تنموية يجب أن تتم بسرعة

أكد الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، أن التصنيع الأخضر ليس مجرد خيار بيئي بل هو ضرورة تنموية ملحة. خلال مشاركته في “الحوار العالمي الأول للتصنيع الأخضر”، الذي تنظمه منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو) في فيينا، شدد على أن التمويل يعتبر العامل الحاسم في التحول الصناعي نحو نظم أقل انبعاثات وأكثر كفاءة.

الدكتور محيي الدين، الذي قاد الجلسة تحت عنوان “تمويل المستقبل: تحفيز رؤوس الأموال من أجل التصنيع الأخضر”، أشار إلى أن نحو 90٪ من الاستثمارات في الطاقة النظيفة لعام 2023 تركزت في عدد محدود من الدول المتقدمة. في المقابل، لم تحصل الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية إلا على نسبة تقل عن 15٪ من هذه التدفقات، رغم قدرتها الكبيرة على المساهمة في التحول الأخضر.

وحذر من أن استمرار هذا الخلل الهيكلي في توزيع التمويل سيضعف فرص الدول النامية في تحقيق تحول صناعي عادل ومنخفض الانبعاثات. إضافة إلى ذلك، يشير إلى أن تكلفة رأس المال في هذه الدول تصل في بعض الأحيان إلى 12٪ مقارنةً بنسب تتراوح بين 3٪ و5٪ في الدول المتقدمة.

كما أكد محيي الدين أن التصنيع الأخضر يمكن أن يعزز التنمية الشاملة في الدول النامية، من خلال خلق وظائف خضراء وزيادة سلاسل القيمة المحلية. وقد أشار إلى أن كل دولار يُستثمر في الطاقة النظيفة يحقق عوائد اقتصادية واجتماعية تتراوح بين 3 و9 دولارات وفقًا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA).

ولفت إلى أهمية سلسلة من الإصلاحات والسياسات اللازمة لترسيخ التمويل المطلوب للتصنيع الأخضر في الدول النامية. تتضمن هذه الإصلاحات إعادة تعريف دور مؤسسات التمويل الإنمائي، وزيادة استثمارات القطاع الخاص، وتأسيس منصات استثمارية خضراء على المستويين الوطني والإقليمي. كما يجب دمج المساعدات الفنية ضمن حزم التمويل لضمان تطوير مشاريع مكتملة التصميم.

في سياق متصل، دعا محيي الدين إلى إصلاح نظام الحوافز المالية من خلال إلغاء دعم الوقود الأحفوري الذي يتجاوز تريليون دولار في دول مجموعة العشرين. كما ينبغي اعتماد تسعير الكربون وتعزيز أسواق رأس المال المحلية، خاصةً من خلال دعم إصدار السندات الخضراء.

تأسيس مرفق عالمي لتمويل التصنيع الأخضر

أوضح محيي الدين أن نجاح التصنيع الأخضر في الدول النامية لا يقتصر على تقليل الانبعاثات بل يتطلب إنشاء نموذج تنموي عادل وشامل. وناشد المجتمع الدولي بالتوافق حول أجندة تمويلية طموحة قبل مؤتمر الأطراف COP30 الذي سيعقد في البرازيل في نهاية العام الجاري.

وشارك محيي الدين أيضًا في مائدة مستديرة بعنوان “تحفيز الثورة الصناعية الخضراء”، حيث استعرض مع ممثلي الحكومات والمؤسسات المالية الدولية الآليات التمويلية والتحفيزية لدعم مسارات التصنيع الأخضر حول العالم.