أخبار التقنية

كيف استفادت وكالة الفضاء الأوروبية من أول كسوف صناعي في استكشاف الظواهر الطبيعية

تمكنت وكالة الفضاء الأوروبية من ابتكار طريقة لإنشاء كسوف شمسي خاص بها عند الطلب، حيث تعتمد هذه التقنية على مركبتين فضائيتين آليتين تحلقان بتشكيل دقيق يفصل بينهما مليمتر واحد فقط، رغم كونهما على بُعد آلاف الأميال عن الأرض. يعتبر الكسوف الشمسي الكلي واحدة من أكثر الظواهر الطبيعية إثارة ورعباً، إذ يرتبط بتظليل الشمس بطبقة مظلمة متصاعدة. ورغم أن الكسوف الشمسي يحدث مرة واحدة كل 18 شهرًا في مكان ما ، إلا أن فرص حدوث كسوف كلي في موقع معين تصل في المتوسط إلى مرة واحدة كل 375 عاماً، وهو ما يكفي لأن يستمر رعبه عبر الأجيال.

المعلومات التفاصيل
تكرار الكسوف مرة كل 18 شهرًا
فرصة حدوث كسوف كلي مرة كل 375 عامًا

منذ العصور القديمة، قام البشر بابتكار طرق للتنبؤ بالكسوف، فقد اعتُبر جهاز ستونهنج كأحد الحلول العملاقة لمراقبة هذه الظاهرة، بينما تتوفر اليوم تطبيقات أصغر حجماً لهذا الغرض، كما ذكر موقع “NewAtlas”. في الوقت الحالي، يتزايد الاهتمام بالكسوف الكلي، فمن جهة تساهم السياحة في تعزيز متابعة هذه الظاهرة، ومن جهة أخرى يسعى العلماء للحصول على معلومات دقيقة عن الشمس من خلال دراسة هالتها خلال الكسوف.

تتصف الكسوفات الشمسية بكونها ليست نادرة فحسب، بل إنها تحدث غالباً في مواقع نائية، وتستمر لبضع دقائق فقط. لذلك، ينفق علماء الفلك ثروات كبيرة على طائرات الأبحاث لمتابعة مسار الكسوف ليتمكنوا من دراسته بعمق. ولذلك يسعى الباحثون لإيجاد وسيلة لإنشاء كسوفهم الخاص عند الطلب، خصوصًا تلك التي تستمر لعدة ساعات وتكون خارج الغلاف الجوي للأرض.

تقوم وكالة الفضاء الأوروبية بمهمة بروبا-3، التي أُطلقت في عام 2024 بتكلفة تصل إلى 200 مليون يورو، أي ما يعادل 230 مليون دولار. تهدف هذه المهمة التجريبية إلى توظيف أحدث تقنيات الطيران التشكيلي لإنشاء كسوف شمسي اصطناعي، مستلهمًا من تصورات الأفلام القديمة مثل فيلم “Forbidden Planet”.

تتضمن مهمة بروبا-3 قمرين صناعيين صغيرين يُطلق عليهما “كوروناغراف” و”أكولتر”، حيث يتميز كل منهما بحجم الغسالة تقريبًا، رغم أن التشابه بينهما لا يتجاوز ذلك. تدور هذه المركبات حول الأرض في مدار بيضاوي الشكل كل 19.6 ساعة، على مسافة تتراوح بين 373 ميلاً و37610 أميال. تعمل هذه المركبات بشكل متناسق حيث يكون كل منهما على بُعد 492 قدماً (150 متراً) من الأخرى بفارق مليمتر واحد.

هذه الطريقة في الطيران ليست جديدة، فقد استخدمت في السابق في عدة بعثات لرسم خرائط الشذوذ في الجاذبية والمجالات المغناطيسية، ولكنها تبقى معقدة في التطبيق. عملية الطيران التشكلي للمركبات الفضائية تختلف كثيرًا عن الطيران بالطائرات، حيث يتطلب الأمر استخدام أنظمة ذاتية متطورة. تعتمد المركبتان على تقنيات GPS وأجهزة تتبع النجوم، مع وضع أداة إحباط كالمركبة الرئيسية بينما تعمل الأخرى كمركبة تابعة.

في الوقت الراهن، تعمل وكالة الفضاء الأوروبية على نشر الصور الأولى لكسوف الشمس الاصطناعي الملتقطة من الفضاء، مما يمثل إنجازًا بارزًا في مسيرة البحث عن فهم أكبر لخصائص الشمس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى