أخبار عاجلة

من الثورة إلى الدعم الاجتماعي.. كيف أثرت 30 يونيو على نظام الحماية الاجتماعية في مصر

تُعد ثورة 30 يونيو 2013 من النقاط الفارقة في التاريخ المصري المعاصر، حيث أسفرت عن استعادة الاستقرار السياسي وإعادة بناء مؤسسات الدولة، ولم تقتصر آثارها على ذلك فقط، بل شملت أيضًا تحسينات واضحة في الملفات الاقتصادية والاجتماعية، وفي مقدمتها الحماية الاجتماعية التي أصبحت جزءًا رئيسيًا من أولويات الجمهورية الجديدة.

السنة مخصصات الحماية الاجتماعية (مليار جنيه)
2014 / 2015 100
2024 / 2025 529.7

في إطار هذا السياق، أنجزت الدولة المصرية منذ عام 2014 تقدمًا ملموسًا في مجال الحماية الاجتماعية، حيث تم توسيع نطاق الدعم النقدي وتطوير برامج تمكين الفئات الأولى بالرعاية، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية للخدمات وتعزيز استخدام الرقمنة لضمان وصول الدعم لمستحقيه بشكل فعال.

يُعتبر برنامج “تكافل وكرامة” من أبرز المبادرات التي أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعي في مارس 2015، حيث صُمم كأداة مباشرة لدعم أسر الفقراء والمهمشين، وقد شهد عدد المستفيدين من البرنامج ارتفاعًا لافتًا، إذ ارتفع عدد الأسر المستفيدة من 1.7 مليون أسرة إلى أكثر من 5.2 مليون أسرة بحلول يونيو الحالي، مما يعكس توسع نطاق تأثير البرنامج في المجتمع.

خصصت الدولة في موازنة عام 2025 / 2026 نحو 54-55 مليار جنيه لبرنامج “تكافل وكرامة”، مع زيادة تتراوح بين 35% و36% مقارنة بالسنة السابقة، وتهدف هذه الميزانية إلى تلبية احتياجات الفئات المستهدفة، التي تشمل النساء الأرامل والمطلقات وكبار السن وذوي الإعاقة والأيتام، وكذلك أسر الأطفال في مراحل التعليم الأساسي.

وحسب تقييمات محلية ودولية، ساهم البرنامج في تحسين مؤشرات الفقر والتعليم والصحة بين المستفيدين، مما يدل على فعالية الجهود المبذولة في هذا الإطار، حيث شهدت مخصصات الحماية الاجتماعية ارتفاعًا ملحوظًا، إذ زادت من 100 مليار جنيه في موازنة 2014 / 2015 إلى 529.7 مليار جنيه في موازنة 2024 / 2025، بزيادة تتجاوز 429% في غضون عشر سنوات.

تشمل هذه المخصصات برامج الدعم التمويني والتأمينات الاجتماعية والدعم النقدي، بالإضافة إلى الرعاية الصحية والمساعدات الاستثنائية في أوقات الأزمات، مما يعكس التوجه الواضح نحو تحقيق العدالة الاجتماعية كأحد محاور التنمية الأساسية.

عُنيت الدولة أيضًا بحقوق ذوي الإعاقة بعد 30 يونيو، حيث تم إصدار قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 10 لسنة 2018، وهو الأول من نوعه في مصر، بالإضافة إلى إصدار أكثر من 1.5 مليون بطاقة خدمات متكاملة حتى منتصف 2025، والتي تشمل العديد من المزايا مثل العلاج المجاني وأولوية في الإسكان والتوظيف، مما يعزز مشاركتهم الفعالة في المجتمع.

أثبتت الدولة قدرتها على الاستجابة السريعة للأزمات، حيث تم دعم العمالة غير المنتظمة خلال جائحة كورونا بمنحة استثنائية، وقد استفاد منها أكثر من 1.6 مليون عامل، وكذلك أعلنت الحكومة عن زيادات استثنائية للمستفيدين من “تكافل وكرامة” في أزمة التضخم العالمي 2022/2023.

لم تقتصر الجهود على تقديم الدعم المالي فقط، بل انتقلت الدولة نحو برامج تنموية مستدامة، مثل برنامج “فرصة” الذي يهدف إلى تحويل الدعم إلى تمكين اقتصادي، وتوفير تدريبات وفرص عمل للمستفيدين القادرين على العمل، كما تساهم مبادرة “سكن كريم” في تحسين مستوى المعيشة للأسر الفقيرة في الريف.

جاءت جهود الرقمنة والحوكمة لتعزيز مهنية عمل الحماية الاجتماعية، حيث أنشأت وزارة التضامن الاجتماعي قاعدة بيانات موحدة تضم أكثر من 33 مليون مواطن من الفئات الأكثر حاجة، مما يساهم في تحقيق الشفافية وكفاءة توجيه الدعم للمستحقين، من خلال تقليل ازدواجية الصرف.

برز دور صندوق مكافحة وعلاج الإدمان كجزء من منظومة الحماية الاجتماعية، حيث يقدم العلاج المجاني والسري عبر 34 مركزًا، وقد زودت خدماته 60,425 مريضًا خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025، بالإضافة إلى تقديم برامج تدريب مهني للمتعافين لتمكينهم من العودة إلى سوق العمل.

شهدت التجربة المصرية في مجال الحماية الاجتماعية اهتمامًا دوليًا، حيث استقبلت وزارة التضامن الاجتماعي وفودًا من مجموعة من المنظمات الدولية التي أشادت بالمنظومة الرقمية المترابطة، مما يجعلها نموذجًا يُحتذى به في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.

تؤكد الإنجازات المحققة منذ 30 يونيو على عزم مصر في بناء نموذج وطني شامل يربط بين الإغاثة والتنمية، مما يعزز الرفاهية ويضع الإنسان في قلب الاستراتيجية التنموية، وبالرغم من التحديات الإقليمية والدولية، إلا أن الدولة مستمرة في سعيها نحو تحقيق مستقبل أكثر إنصافًا لكل مواطن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى