هل يعتبر المريخ كوكباً أحمر بالفعل؟ الفيزياء تضيء على حقيقته الغامضة

هل المريخ كوكب أحمر فعلاً؟ الفيزياء تكشف حقيقته المحيرة
لطالما ارتبط كوكب المريخ في خيال البشرية بلونه الأحمر المميز، مما جعله يُعرف بـ”الكوكب الأحمر” على مر العصور، وقد أطلق الرومان عليه اسم إله الحرب “مارس”، نظرًا لتشبيهه بدماء المعارك والحروب، ولكن، هل يُعتبر المريخ حقًا أحمر؟ أم أن هناك قصة علمية خفية وراء هذا اللون الشهير؟
في عالم الفضاء، لا تتوقف الأسئلة عند هذا الحد، فبينما تستمر الدراسات والاكتشافات، تظهر لنا الحقائق المثيرة.
الصدأ سبب اللون الأحمر
السر وراء لون المريخ الأحمر يعود إلى وجود أكسيد الحديد، المعروف أيضًا بالصدأ، الذي يغطي سطحه، فعندما تتفاعل المعادن الغنية بالحديد مع الأكسجين، تتشكل طبقة من الصدأ تُضفي على الكوكب لونًا يميل إلى الحمرة، كما هو الحال مع الدم في أجسامنا، حيث يعزز الحديد والأكسجين لونه المعروف.
صور سطح المريخ: الواقع مختلف عن الشهرة
على عكس ما يعتقده البعض، فقد كشفت الصور التي التقطتها المسابر الفضائية والمركبات الجوالة، مثل كيوريوسيتي وبيرسيفيرنس، أن سطح المريخ ليس بتلك الشدة من اللون الأحمر كما يُظهر في السماء، إذ أن الغالبية العظمى من تضاريسه تميل إلى اللون البني الترابي أو البني المحمر، مع لمسات من الغبار الأصفر والرملي، ولا تتوقف المفاجأة عند هذا الحد، بل إن المناطق القطبية للمريخ تبعد تمامًا عن اللون الأحمر، إذ تُغطيها طبقات جليدية بيضاء نتيجة تجمد الماء وثاني أكسيد الكربون.
الأقطاب البيضاء: تنفس موسمي للكوكب
تتعرض الأقطاب المريخية لتغيرات تتعلق بتغير الفصول الشمسية، فخلال فترات معينة من السنة، يتمدد وتنكشف طبقات الجليد القطبي بفعل ظاهرة التسامي، حيث يتحول الجليد مباشرة إلى غاز دون المرور بالحالة السائلة، ثم تعود لتتجمد مجددًا مع تغير درجات الحرارة، مما يؤكد وجود دورة موسمية مستمرة، مما يضفي ديناميكية وتنوعًا على الطبيعة المريخية.
تكنولوجيا التصوير: بين الحقيقة والخداع البصري
من المهم ملاحظة أن الصور الملتقطة بواسطة التلسكوبات والمركبات الفضائية غالبًا ما تُظهر المريخ بألوان قد لا تكون حقيقية، بسبب استخدام تقنيات التصوير بألوان زائفة، حيث تُستخدم هذه التقنية لتعزيز تفاصيل قد لا تظهر للعين المجردة، مثل توزيع المعادن أو درجات الحرارة، لكنها قد تؤدي إلى تفسيرات مغلوطة لطبيعة الكوكب.
الأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء، إلى جانب تحليل الطيف الضوئي، توفر للعلماء فهماً أعمق لتكوين الكوكب وتاريخه الجيولوجي، بل حتى إمكانية احتضانه للحياة في العصور القديمة.
المريخ في السماء ليس كما على الأرض
من وجهة نظركم على سطح الأرض، يظهر المريخ بلون أحمر ساطع يميزّه بين الكواكب، لكن بفضل العدسات العلمية المتطورة، أصبح المشهد أكثر تعقيدًا وغنى، فالمريخ كوكب متعدد الألوان، يكمن خلف مظهره البسيط أسرار علمية رائعة، تتكشف لنا شيئًا فشيئًا مع كل مهمة فضائية جديدة.
لم يعد المريخ مجرد “الكوكب الأحمر” في فضاء الليل، فبفضل علوم الفيزياء والتكنولوجيا الحديثة، أعاد العلماء رسم صورة هذا الجار الكوني بألوان جديدة ومعانٍ أعمق، فهو ليس مجرد كوكب له لون، بل هو سجل جيولوجي ومختبر مفتوح لفهم تاريخ النظام الشمسي وربما الحياة ذاتها.