جماجم “رجل التنين” في الصين تكشف النقاب عن أقدم وجه موثق لسلالة الدينيسوفان الغامضة

جمجمة “رجل التنين” في الصين تكشف عن أقدم وجه معروف لسلالة الدينيسوفان الغامضة
كشفت دراسة جديدة أن جمجمة “رجل التنين”، التي عُثر عليها مدفونة في مدينة هاربين الصينية، تعود لسلالة الدينيسوفان، وهي مجموعة بشرية قديمة وحالكة تم التعرف عليها لأول مرة في عام 2010، هذا الاكتشاف يأتي في مقدمة الاكتشافات في علم الإنسان القديم، حيث تمثل الجمجمة أقدم وأكمل أحفورة معروفة لهذه السلالة.
اكتشاف مُخبأ لعقود
تعود قصة هذه الجمجمة إلى عام 2010، عندما اكتشفها عامل صيني بالصدفة أثناء أعمال بناء جسر خلال الاحتلال الياباني، وقد اختار إخفائها في بئر خشيةً من مصادرتها، وظلت هذه الجمجمة في الظلام حتى وفاته عام 2018، لتقوم عائلته بتسليمها إلى جامعة “خبي للجيولوجيا”، ومن هنا بدأت رحلة علمية مذهلة.
تحليل الحمض النووي يكشف الأسرار
بفضل الحفظ الممتاز للجمجمة، استطاع العلماء استخراج وتحليل الحمض النووي والبروتينات من الرواسب الجيرية المتراكمة على الأسنان وعظمة الصخرة داخل الجمجمة، وقد أظهرت التحاليل تطابقًا واضحًا مع عينات الدينيسوفان الأخرى المعروفة سابقًا في سيبيريا والتبت وتايوان، مما أكد الانتماء الوراثي لـ”رجل التنين” لهذه السلالة.
وجه جديد لسلالة منقرضة
تتميز الجمجمة بسمات مميزة، منها الحاجبين البارزين وتجويف العينين الواسع وسعة الدماغ الكبيرة، مما يجعلها غير تقليدية بين البشر القدماء، وتشير هذه الصفات البدنية إلى أن صاحب الجمجمة كان ذكراً قوي البنية، معروفًا بقدرته على التكيف مع المناخات الباردة، مما يعزز فرضية انتشار الدينيسوفان عبر القارة الآسيوية خلال حقبة العصر الجليدي الأوسط.
يمثل هذا الاكتشاف قفزة نوعية في فهم تطور البشر في آسيا، ويعيد النظر في الفرضية السابقة التي كانت تدعي أن الدينيسوفان كانوا مجرد فرع ثانوي غير مهم في شجرة التطور البشري، وعلى الرغم من ذلك، لا تزال بعض الأوساط العلمية تطالب بإجراء المزيد من التحليلات لتأكيد التصنيف الدقيق للجمجمة وما إذا كانت تتبع النوع المقترح Homo longi، أو تمثل تنوعًا ضمن الإطار الأوسع للدينيسوفان.
إن “رجل التنين” يضع وجهًا حقيقيًا على اسم لطالما ظل لغزًا علميًا، ويفتح آفاقًا جديدة لفهم أعماق التاريخ البشري المدفون في طبقات الأرض الآسيوية.