أخبار عاجلة

ماذا سيحدث إذا قررنا التوقف عن الإنجاب؟ دراسة جديدة تحذر من خطر انقراض البشرية في غضون 100 عام

ماذا لو توقفنا عن الإنجاب؟.. دراسة جديدة تحذر من انقراض البشرية خلال 100 عام

في سيناريو ينتمي أكثر إلى الخيال العلمي، قام باحثون بإنشاء نموذج لتصور ما سيحدث لو توقف البشر عن الإنجاب على مستوى العالم، والنتائج تبدو مروعة، وفقاً لدراسة جديدة نشرتها مجلة Human Nature News Weekly، فالجنس البشري قد يُباد تقريبًا خلال مئة عام، لا بسبب الحروب أو التغيرات المناخية أو الأمراض، بل نتيجة لركود بيولوجي شديد.

يمكن تصور الأمر بخيالٍ واسع؛ تخيل عالمًا يخلو من الأطفال الجدد بشكل مفاجئ وعالمي، حيث يبدأ الوضع بهدوء في أجنحة الولادة وينتهي بإنهيار كامل للمجتمع كما نعرفه، فعلى الرغم من أن سكان العالم قد يظلون في حالة من الجمود لعقود من الزمن، فإن افتقار المجتمع للأجيال الشابة سيؤدي في النهاية إلى توقف جميع الأنظمة، بدءًا من الغذاء والدواء وصولًا إلى الحوكمة والبنية التحتية.

ماذا سيحدث للعالم عندما يتوقف الجميع عن الإنجاب؟

قام الباحثون بإنشاء نموذج لتوقع الانهيار المجتمعي الذي قد ينشأ عن توقف تام للإنجاب، في البداية قد يبدو الوضع محتملاً، حيث سيظل كبار السن في سوق العمل، وستبقى المتاجر ممتلئة بالسلع، وستستمر المستشفيات في العمل، ولكن مع مرور الوقت ومع تقاعد أو وفاة العمال، ستفقد الأنظمة الأساسية قوتها الحيوية.

أكد الباحثون على أنه “لن يكون هناك ما يكفي من الشباب البالغين لأداء المهام الأساسية، مما سيؤدي إلى انهيار سريع للمجتمعات في جميع أنحاء العالم، وسيصبح الغذاء نادرًا حتى مع وجود عدد أقل من الأشخاص الذين يحتاجون إلى الطعام”.

وبحلول العام السبعين أو الثمانين، ستكون الآثار كارثية، حيث سيتوقف إنتاج الغذاء بدون الفلاحين، كما ستنهار الرعاية الصحية بدون الأطباء والممرضات، وستتوقف شبكات الكهرباء ووسائل النقل بسبب غياب الفنيين والمهندسين، وفي غياب الجيل الجديد، ستتوقف عجلة الحضارة بأكملها.

هل يمكن لجائحة توقف المواليد أن تدمر البشرية؟

بينما قد تبدو هذه الفكرة بعيدة، فإن الباحثين يعترفون بأن حدوث توقف عالمي للمواليد قد يتسبب فيه حدث بيولوجي قاسٍ، مثل ظهور فيروس جديد يسبب العقم البشري، وهذا السيناريو يشير إلى أنه حتى فترة قصيرة من العقم قد تؤدي إلى حالة من التدهور الديموغرافي الحر.

تحول عالمي نحو انخفاض المواليد

على سبيل المثال، شهدت الولايات المتحدة انخفاضًا في معدلات المواليد في السنوات الأخيرة، حيث وُلد حوالي 3.6 مليون طفل في عام 2024، مقارنةً بـ 4.1 مليون في عام 2004، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، وفي الوقت نفسه، زاد عدد الوفيات في الولايات المتحدة من 2.4 مليون في عام 2002 إلى أكثر من 3.3 مليون في عام 2022.

وعلى الصعيد العالمي، تُظهر دول مثل كوريا الجنوبية واليابان والهند انخفاضًا حادًا في معدلات الخصوبة، حيث وصل معدل المواليد في كوريا الجنوبية إلى أدنى مستوياته على الإطلاق، إذ بلغ أقل من 0.8 ولادة لكل امرأة في بعض السنوات، وهو رقم بعيد عن معدل الإحلال البالغ 2.1. بينما الهند، التي تفوقت مؤخرًا على الصين كأكبر دولة من حيث عدد السكان، تشهد انخفاضًا مستمرًا في الخصوبة بسبب تأجيل النساء للولادة أو التخلي عنها بسبب التعليم والعمل والضغوط الاقتصادية.

دروس من الماضي: ما يمكن أن يُعلّمنا إياه إنسان نياندرتال

لتقديم سياق تاريخي، نظر الباحثون في فرع آخر من شجرة العائلة البشرية، وهو إنسان نياندرتال، وفقًا لتقرير نُشر على موقع لايف ساينس، فقد ظهرت هذه الكائنات منذ حوالي 400,000 عام وتعايشت مع الإنسان الحديث لعشرات الآلاف من السنين قبل أن تنقرض منذ حوالي 40,000 عام. تشير الأدلة الأثرية إلى أن الإنسان الحديث كان أكثر نجاحًا في التكاثر وتوزيع الموارد، مما ساهم في استمراره لفترة أطول من أبناء عمومه. وبالتأكيد، تحذر الدراسة من خطر جسيم؛ فالتكاثر والقدرة على التكيف مرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالبقاء، ليس للأفراد فحسب، بل للأنواع ككل.

هل تُعدّ خصوبة الذكور خطرًا خفيًا؟

أحد المخاوف الأخرى التي أثارها الباحثون هو الانخفاض العالمي في خصوبة الذكور، وخاصةً عدد الحيوانات المنوية. فقد أظهر تحليل تلوي أُجري عام 2022 ونُشر في مجلة Human Reproduction Update أن عدد الحيوانات المنوية قد انخفض عالميًا بأكثر من 50% منذ سبعينيات القرن الماضي، وقد تم الإشارة إلى السموم البيئية، وعوامل نمط الحياة، وارتفاع معدلات السمنة كأسباب محتملة لهذا الانخفاض.

إذا استمر هذا الاتجاه في انخفاض خصوبة الذكور، مترافقًا مع اتجاهات اجتماعية نحو تأخير الإنجاب، فقد يشهد العالم انخفاضًا حادًا في عدد السكان أكثر مما يُتوقع، ورغم أن هذا التأثير لا يبدو خطرًا مثل سيناريو “عدم إنجاب الأطفال على الإطلاق”، إلا أنه قد يؤدي إلى عواقب مماثلة عبر أجيال متتالية.

هل يمكن للهجرة أن تنقذنا؟

يشير بعض علماء الديموغرافيا إلى الهجرة كحل جزئي لمشكلة انخفاض عدد السكان. حيث يمكن للدول ذات الخصوبة المنخفضة أن تعمل على موازنة قوتها العاملة عبر استقطاب مهاجرين أصغر سنًا من الدول ذات معدلات المواليد الأعلى، ولكن كما توضح الدراسة، فإن هذا النهج غالبًا ما يكون معقدًا بسبب التوترات السياسية وكراهية الأجانب والمقاومة الثقافية، خصوصًا في الدول ذات الدخل المرتفع.

ماذا يعني مستقبلٌ بلا أطفالٍ للأرض؟

من المثير للعناية أن الدراسة تتحدث أيضًا عن الاحتمالات التي قد يتحقق عندما تتوقف البشرية عن كونها القوة المهيمنة على الكوكب. فبينما يعتبر النشاط البشري الدافع الأساسي لتغير المناخ والدمار البيئي، فإن غياب البشر قد يمنح الأرض والكائنات الحية الأخرى فرصة للتعافي. لكن الباحثين يحذرون من المبالغة في تقدير هذا السيناريو، لأن عالمًا بلا بشر يعني أيضًا عالمًا بلا إنجازاتٍ بشرية، فستغيب الطب، والأدب، واستكشاف الفضاء، ولا توجد ذاكرةٌ مشتركةٌ للفنون أو العلوم أو الثقافة.

ماذا يمكننا أن نفعل لتجنب هذا المستقبل؟

على الرغم من أن حدوث توقف تام للتكاثر البشري قد يبدو مستبعدًا، فإن التراجع الطويل الأمد في الخصوبة العالمية بدأ بالفعل. لذا، يدعو الباحثون إلى اتخاذ خطوات عاجلة لضمان مستقبل البشرية، مثل:

دعم الأسر: يجب تقديم الدعم الاقتصادي، ودعم الوالدين، ورعاية الأطفال لجعل قرار إنجاب الأطفال أسهل.
التصدي لتغير المناخ: تأمين مستقبل كوكبنا يؤثر بشكل مباشر على بقاء الإنسان وصحة الخصوبة.
الاستثمار في الصحة الإنجابية والتعليم: الخيارات المستنيرة والوصول إلى الرعاية الصحية أمران أساسيا لتحقيق نمو سكاني مستدام.
تشجيع سياسات الهجرة التي تتكيف مع التحولات الديموغرافية مع احترام الهويات الثقافية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى