رحلة الفلافل من مصر إلى مختلف دول العالم وكيفية اختلاف الطعمية بين البلدان

يوم الطعمية.. رحلة الفلافل من مصر لدول العالم وكيف تختلف من بلد لآخر
تتراوح شهرة “قرص الطعمية الساخن” من موائد أبسط البيوت إلى بوفيهات أفخم الفنادق، حيث يضفي عليها كل طريقة تناول طعمًا فريدًا، سواء كانت في الخبز البلدي أو الفينو، فنجد أن مذاق الطعمية مع الباذنجان المخلل يختلف تمامًا عن مذاقها مع الليمون المخلل، وبالطبع يختلف كثيرًا مع البصل الأخضر أو الطماطم أو حتى السلطة الخضراء، فهي تشكل ثنائيًا لا يقاوم مع سلطة بابا غنوج.
يحتفل العالم في 12 يونيو باليوم العالمي للفلافل، المعروف أيضًا بيوم الطعمية العالمي، وهي أكلة ذات جذور مصرية عميقة انتشرت لتكتسب نكهات متنوعة في مختلف دول العالم. في هذا التقرير، نستعرض “رحلة الطعمية” حول العالم، وكيف أثرت كل دولة في هذا الطبق المميز.
الطعمية
البداية: من قلب مصر القديمة
تتعدد الروايات حول النشأة، ولكن موقع "History Today" يشير إلى أن الطعمية أو الفلافل نشأت في مصر خلال القرن التاسع عشر. ورغم أنه لا توجد إشارات لها في النصوص الفرعونية أو القبطية القديمة، ويبدو أن القلي العميق لم يكن شائعًا في ذلك العصر، يُعتقد أن تقنيات جديدة دخلت المطبخ المصري بعد الاحتلال البريطاني، مما أدى إلى ظهور تركيبات غذائية جديدة، من بينها خليط الفول المطحون المتبل الذي أصبح تناولُه شائعًا بين الفقراء.
وفي الإسكندرية، عُرفت الطعمية لأول مرة باسم "الفلافل"، ثم انتقلت إلى القاهرة، وبعدها انتشرت في أرجاء البلاد، حيث تغير اسمها إلى "طعمية"، وهو تصغير لكلمة "طعام"، ومن ثم انتقلت إلى أقطار المشرق.
صورة لبائع فلافل في القدس عام 1935
في مصر، تُعد الطعمية غالبًا من الفول المدشوش، حيث يتم نقع الفول لفترة ثم يطحن مع البصل والثوم والكزبرة والتوابل، لتشكل العجينة التي تُقلى في زيت حار، وتُقدم في سندويتشات مع المخلل وسلطة الطحينة، وربما تُضاف إليها بيضة مسلوقة أو شريحة باذنجان.
ورغم بساطتها، إلا أنها تُعتبر واحدة من أكثر الأكلات شهرة في مصر، حيث لا يخلو منها أي بيت، ولا يبدأ صباح دونها.
الطعمية تسافر شمالًا: لبنان وسوريا وفلسطين
ما إن غادرت الفلافل مصر، حتى بدأت تتلون حسب الأذواق المحلية. ففي لبنان، افتُتح أول محل للفلافل في 1933، ويُصنع بمكونات تمزج بين الفول والحمص، ويُقدم داخل رغيف "بيتا" مع سلطة طازجة وصوص "طرطور" المكون من الطحينة مع الليمون والثوم. ومن لبنان، انتشرت على طول ساحل البحر الأحمر إلى اليمن، وكذلك شمالًا على البحر الأبيض المتوسط إلى تركيا، وغربًا إلى ليبيا.
أما في سوريا، فتعتمد الفلافل بشكل أساسي على الحمص، مع توابل مميزة مثل الكمون والكزبرة الجافة، وغالبًا ما تُرش بالسماق قبل التقديم. وفي فلسطين والأردن، تتشابه الوصفة مع السورية، ولكن يُضاف أحيانًا النعناع أو الفلفل الأخضر، وتُقدم مع الزيتون والخضروات المخللة.
في السودان.. طعمية بالحمص والشبت
تُعرف الفلافل في السودان باسم "طعمية"، ولكن مع اختلافات طفيفة في المكونات، كما نشره موقع المطبخ السوداني، حيث يُفضل السودانيون استخدام الحمص بدلًا من الفول، ويضيفون إليها الشبت الطازج وبعض الأعشاب المحلية.
الطعمية في المطبخ السوداني
الانتقال إلى تركيا والعودة إلى الشام
في القرن العشرين، انتقلت الفلافل إلى تركيا عبر الحدود مع سوريا، بفضل اللاجئين والتجار والمهاجرين، حيث تبنى المطبخ التركي نسختها الشامية، وبدأت مطاعم الفلافل تتجسد في شوارع إسطنبول كجزء من ملامح المطبخ المتوسطي. اليوم، تُقدم الفلافل في تركيا بنفس طريقة تقديمها في بيروت أو دمشق، ولكن بنكهات خاصة تميز أنقرة.
وصفات لا تنتهي للطعمية
مع مرور الزمن، أصبحت الطعمية أو الفلافل أكثر من مجرد وصفة، ففي بعض المناطق تُضاف إليها مكونات مثل البيض، أو الكرنب، أو حتى الجبنة البيضاء، لكنها تبقى تحتفظ بجوهرها: نباتية، مليئة بالشبع، وغنية بالنكهات الناجمة عن البهارات أكثر من كونها تعتمد على الحمص أو الفول. اكتسبت شهرة واسعة، ربما بسبب توفر مكوناتها، أو أسعارها المعقولة، أو سهولة تحضيرها، حيث تُقدم في الخبز، وفي أطباق، أو حتى في أكياس بلاستيكية على ناصية الطريق. إنها للجميع، بلا استثناء.