وداعًا لأبو شرعان الحربي فلكي الصحراء الذي قرأ النجوم وأضاء سماء المملكة

فقدت المملكة العربية السعودية اليوم أحد أعلام علم الفلك البارزين، حيث توفي فجر اليوم الأحد 27 أبريل 2025، ملفي بن شرعان العريمة الحربي، المعروف بـ «أبو شرعان»، ورحيله يمثل خسارة كبيرة لعالم الفلك في الجزيرة العربية، حيث قضى عقودًا في مراقبة السماء ودراسة النجوم والأفلاك، ليصبح مرجعًا للعديد من الهواة والباحثين في هذا المجال.
مسيرة علمية حافلة لابو شرعان الحربي
وُلد أبو شرعان في عام 1929 تقريبًا في بادية حائل، حيث قضى معظم سنوات حياته بعيدًا عن ضوضاء المدن، يفضل العيش تحت السماء المفتوحة ويجد رفقة في قطيع أغنامه، وامتدت معرفته الفلكية من نفود الثويرات في شمال المملكة إلى الزلفي، حيث ربط بين تغيرات الطوالع والفصول وحالات الطقس المختلفة، محولًا تلك المعرفة إلى مرجعية يعتمد عليها الكثيرون من البدو والحضريين على حد سواء.
حياة مميزة ووفاء للشغف
على الرغم من مرور حياته دون ارتباط رسمي، فقد اختار أبو شرعان الوفاء لـ «قصيدة عشق» كانت مرتبطة بموطنه وأرضه، ورفضت التقاليد هذا الحب، لكنه استمر في حياته في مكانه الذي جمعه بحبيبته الأولى، حيث ظل يراقب حركة النجوم ويتابع السماء ليدون تحركاتها على رمال الصحراء، وكان دائمًا يردد الحكمة التي ورثها عن الأجداد:
“مَن عرف منازل القمر لم يُخطئ المطر.”
سبب وفاة ابو شرعان الحربي
توفي أبو شرعان بعد صراع مع المرض، حيث كانت حالته الصحية قد تأثرت سابقًا نتيجة لجلطة دماغية قبل ثلاثة أعوام، وحاول الأطباء في مستشفى الملك فهد التخصصي إنقاذه، ولكن جسده النحيل استسلم في الساعات الأولى من صباح اليوم، ووريت جثمانه في مقبرة البلدة بعد الصلاة عليه في جامع قبة، حيث ودعه محبوه وطلابه الذين ظلوا يتذكرونه ويستذكرون نصائحه الفلكية القيمة.
وبوفاة فلكي الصحراء، تُطوى صفحة من صفحات التراث الفلكي الشفهي في المملكة، إلا أن إرثه سيظل حيًا من خلال النجوم التي علمنا كيفية قراءتها، وستظل معرفته بمثابة مرشد لمن يبحث عن إجابة تحت قبة السماء، ما يثبت أن السؤال عن النجوم يمكن أن يكون بداية رحلة علمية لا تنتهي.